|

    ٠٠ مٌكْر مستشرق ودهاء أعرابي ٠٠

الكاتب : الحدث 2021-10-19 10:17:33

 قبل عقود من الزمن مضت جاء المستشرقين إلى الشرق الأوسط يحملون معهم أفكاراً هدامة ظاهرها النصح والوفاء وباطنها المكر والحيلة والضحك على عقول البسطاء !

كانت الجزيرة العربية أكثر وجهة لأولئك المستشرقين لما يعلمون مسبقًا أن أغلب قاطني الجزيرة العربية من البدو الرُّحل ومعيشتهم  قائمة على رعي الماشية ولذلك البساطة هي ديدن حياتهم ! 

كان اعراب البادية لهم النصيب الأوفر من الالتقاء بهؤلاء المستشرقين وكان المستشرق يرى ضالته لدى الأعرابي لأنه الأقرب للتأثير عليه من غيره !

كان بالبادية أعرابي صاحب مواشي كثيرة وكان ذا مروءة وحنكة ودهاء فصادف أن استضافه أحد المستشرقين فرحب به الأعرابي وأحسن ضيافته ومكث عنده فترة الضيافة وكان المستشرق يجاري الأعرابي في حسن تعامله معه ويبدي له أنه ليس بغريب وأنه صاحب دار حتى اطمئن الأعرابي لذلك المستشرق !

 حينما تيقن  المستشرق أن الأعرابي اطمئن له بدأ في نفث سمومه ومكره فقال للاعرابي ألا تلاحظ معي أننا في صلاتنا نقرأ آيات من القرآن الكريم تكون متشابهة وبعضها مكررة فلماذا لا نختصر ذلك ونجعل من الآيات المتشابهة والمكررة آية واحدة وبذلك نكون قد وفرنا  الوقت والجهد !

هنا احس الأعرابي بالمكر والخبث من المستشرق ولكن لم يبدي له انزعاجاً بل جاراه على قوله ولكن بطريقته هو فقال كلامك جميل وفيه من الشيء الذي يحتاج للمراجعة غير أن بإمكانك امهالي إلى الغد كي انظر ما ارى بهذا الشأن !

فرح المستشرق بذلك وعرف انه قد غيّر فكر وفهم الأعرابي عن آيات القرآن وربما يمنَّي نفسه انه سيغيّر سلوكه أيضاً !

كان للاعرابي بعض المواشي التي تنجب اثنين وثلاثة من الأبناء الصغار فقام الأعرابي بإخفاء اثنين لكل واحدة تنجب ثلاثة وإخفاء واحد لكل واحدة تنجب اثنين وعند مغيب الشمس أطلق المواشي على صغارها فسمع المستشرق صراخ المواشي فازعجه ذلك وقال ماهذا الصراخ ولما المواشي الليلة ليس كعادتها فقال الأعرابي اخفيت عنها بعض صغارها التي معها ثلاثة أبقيت معها اثنين والتي معها اثنين أبقيت لها واحد ومع ذلك كما ترى كل واحدة تريد صغارها جميعًا مع انهم متشابهون، مواشي لا عقول لها ومع ذلك كما رأيت لا تريد التخلي عنهم فكيف بنا ونحن بشر لنا عقول ! 

هل من العقل أن يستطيع البشر عن الاستغناء عن بعض الأجزاء المتشابهة في أجسادهم كالعينين والاذنين واليدين والأرجل ويعيشون على جزء واحد فقط منهما وهل من العقل أن نغيْر متشابهات الآيات القرآنية التي تعادل متشابهات الجسد ! 
بهت المستشرق وقال في قرارة نفسه هذا أعرابي جاهل غير متعلم وهذا نهجه وفطرته ودهاء عقله فكيف بالآخرين من العرب المتعلمين فغادر المستشرق يجر الخيبة والفشل ! 

٠٠ بقلم جبران شراحيلي ٠٠